الاثنين، 8 أكتوبر 2012

الكيلاني وتعرية الصوفية.. قراءة أولى (2/2)

ومازال حديث الأمس موصولاً اليوم، فالكيلاني استطاع أن يسخر كل أدواته القصصية ويحشد كل قراءاته وثقافاته المعرفية حينما أراد الكشف عن حقيقة هذه النحلة من خلال قصته "ولي الله" فمن ذلك: 
ثالثاً: القصة تذخر ببعض أبجديات المعجم الصوفي، مثل: أهل الخطوة، والواصلين الذين سقطت عنهم التكاليف، ".. قال الراوي: شيخنا يصلي في الكعبة كل مساء.. إنه من أهل الخطوة". وكذلك حفلت القصة ببعض مواقع بدعية نراها جلية على خارطة المذهب الصوفي، مثل: "الأضرحة، الدراويش، الأغاني الصوفية العذبة،..". 
رابعاً: استطاع الكاتب - بجدارة- أن يوظف الصراع الذي" اتفق النقاد على أنه هو الذي يمنح القصة الحياة، ويبعث فيها الحركة، ويدفع إلى تطوير الأحداث ونموها، ويحدث التفاعل بين الشخصيات". 
فبواسطة هذا العنصر كشف الكاتب عن واقع الصوفية وخللهم في تربية أبنائهم فصراع "أحمد" وأبوه "وهدان" على قلب "نعناعة" وفوز الولد وانتصاره بل وزواجه من نعناعة وهربه معها، وخسارة الوالد والتسبب في مرضه ثم موته حسرة على حبيبته، هذه الأحداث تكشف عن سوء تربية الصوفية، وبعدهم عن ذويهم وعن متابعة أولادهم وانشغالهم بأورادهم وخلواتهم! 
صراع آخر ولكن على جبهة مغايرة وهو صراع المريدين مع "عبد المطلب" تاجر المخدرات والذي أخذ يهتم ".. بالشائعات التي تلاحق الشيخ ونعناعة.. وأخذ يتقصاها وينشرها في  كل مكان، ولم يأل جهداًَ في تنميقها والمبالغة فيها..". 
هذا الصراع كشف عن شدة اعتقاد المريدين في شيخهم وقولهم بعصمته والمبالغة والمغالاة فيه إلى الدرجة التي تخرجه عن بشريته، والتي تنتهي إليه الصوفية مع مشايخهم. 
خامساً: الحوار كذلك وظفه الكاتب كأداة فنية، ويمكن أن يكون قولنا في الصراع متوافقاً مع ما سنقوله في الحوار، فالحوار هو الآخر وظفه الكاتب ليكشف به عن ضلال هذه الفرقة وليقدم به تعريفاً لبعض مفرداتهم، ولنضرب أمثلة على ذلك من القصة: ما جاء على لسان الشيخ "ناصف" مؤذن المسجد الكبير: "الواصلون ليسوا مثلنا.. فالفرائض وأوامر الشرع لأمثالنا ناقصي الإيمان، أما أمثال الشيخ "وهدان" فلهم حكم آخر.. لقد كُشف الحجاب عن بصرهم وانتهى الأمر.. شيخنا يصلى في الكعبة كل مساء.. إنه من أهل الخطوة". 
وأجد قلمي مضطراًَ للوقوف عند هذه النقطة فعالم الكيلاني عالم كبير، وتقصي مظان الإبداع فيه قد يطول، ولكن حسبي في كل ذلك شرف المحاولة، مع العلم بأن وقوفي مع القصة كان يسيراً بالقدر الذي يتصل بالموضوع - الصوفية- فرحم الله الكيلاني وأثابه جزاء ما قدم .. والحمد لله رب العالمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق