الثلاثاء، 29 مايو 2012

الشارع العام - مسرحية ذات فصل واحد



- حكاية مثقف عربي كبير عاد بعد أن كان !! 
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
( مقهى يتوسط الطريق العام ، يبدو خالياً إلاّ من بعض المارة ، بينما عامل المقهى – العم حامد – يباشر المكان ويعده ويجهزه ، الوقت صباحاً ، يدخل الأستاذ / عادل وعليه آثار السفر وهو يتأبط بعض الصحف والمجلات )
عادل : السلام عليكم .. 
حامد : وعليكم السلام .. أهلاً بالأستاذ .. متى وصلت من الخارج ؟ 
عادل : قبل ساعات فقط . 
حامد : وهل شاركت في مؤتمرهم ؟ 
عادل : وكيف عرفت ذلك ؟ أنت مثقف بارع يا عم حامد . 
حامد : لقد تحدث عنك التلفاز ليلة البارحة . 
عادل : والصحف أيضاً .. وقد أحضرت الصحيفة معي .. خذ .. ( يناوله الصحيفة ) . 
حامد : حسناً .. لقد جئت في وقتك يا أستاذ .. 
عادل : خيراً .. إن شاء الله .. 
حامد : لقد قرر أهل الشارع أن يسيروا تظاهرة سلمية إلى بيت الحاكم . 
عادل : تظاهرة !! ولما كل هذا ؟! 
حامد : للمطالبة بالإفراج عن أبنائهم أو محاكمتهم . 
عادل : سيحاكمون وستقول الديمقراطية كلمتها . 
حامد : متى .. حين تقوم الساعة ؟ 
عادل : هذا ذنبهم .. لقد اختاروا طريق الشيطان . 
حامد : إنهم يطالبون بحقوقهم .. يا داعية الحقوق . 
عادل : يقارعون السلطان .. يا عم حامد .. 
حامد : وهل تريدهم أن يقبِّلوا يديه وقدميه ؟! 
عادل : وماذا في ذلك ؟ أليس ولي نعمتهم ؟!
حامد : مثلك أنت !
عادل : وليكن .. ماذا في ذلك ؟
حامد : انظر لنفسك جيداً .. يا بني . 
عادل : بل تعال انظر إليَّ الآن .. مكانة عالية في البلاد ومنصب كبير بينما هم يقبعون في غياهب السجون والمعتقلات . 
حامد : إنه ثمن صمتك . 
عادل : تعني صمتي أنا ؟!
حامد : بالطبع .. صمتك عن جرائمه .. 
عادل : فما بالهم لا يصمتون .. إذن .
حامد : دينهم وكرامتهم يمنعان ذلك . 
عادل : ولى زمن المثاليات .. إلى غير رجعة . 
حامد : لقد قررنا المظاهرة وانتهى الأمر . 
عادل : أنتم توقدون للفتنة . 
حامد : بالمناسبة .. شقيقك منصور هو قائد هذه المظاهرة . 
عادل : الأحمق !!
( ضوضاء وأصوات متداخلة ، تدخل جماعة غاضبة من الناس يتقدمهم منصور – شقيق عادل - يرفعون الشعارات ويهتفون بأصوات متقطعة ومنتظمة ) 
منصور : لن نذل ولن نهان .. إلا لله الديان ..
الجميع : لن نذل ولن نهان .. إلا لله الديان ..
منصور : إخرجوهم .. حاكموهم .. حاكموهم .. اخرجوهم !!
الجميع : إخرجوهم .. حاكموهم .. حاكموهم .. اخرجوهم !!
عادل ( صائحاً بهم ) : توقفوا .. توقفوا .. ماذا تفعلون ؟!
منصور : ابتعد يا عادل عن طريقنا .. ولا تكن رسول الطغاة . 
عادل : أرجوك من أجلي .. يا أخي .. عد بهؤلاء المساكين . 
منصور : أنت تعلم أننا نسير في خطين متوازيين لا يمكن أن يلتقيا . 
أحدهم : إنه من زمرتهم يا منصور .. والمتحدث الرسمي باسم الحاكم . 
أحدهم : باع أهله من أجل الدنيا .. تفٍ عليه( يبصق ) .
منصور : أرأيت ؟ إنهم كالسيل الجارف لا يمكن أن يتوقف أبداً .
عادل : حسناً .. ألا يمكننا أن نتحاور .. يا منصور .. 
منصور : لا .. طبعاً .. أنت تبحث عن مجد شخصي وانتصارات فردية وأنا أبحث عن الحق لهؤلاء المطحونين . 
عادل : لن يسمعكم الحاكم أنا أعلم الناس به .. 
منصور : إننا نحاول ولن نخسر شيئاً . 
عادل : بل ستخسرون أشياء كثيرة .. كثيرة جداً . 
( يدخل رجال مكافحة الشغب ، تطوف المكان ، بينما يتقدم القائد ناحية منصور ) 
القائد : الله .. الله .. مؤامرة ومظاهرة في وضح النهار . 
عادل : إنهم .. إنهم أنصار الحاكم يهتفون بحياته . 
منصور : إننا نطالب بحقوقنا السياسية والمادية في البلاد . 
القائد : حقوقكم !! ماذا ؟!
منصور : ونطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عن أبناء الشارع . 
القائد : وهل تطالب بقيادة البلاد كذلك ؟!
منصور : الله أعلم حيث يجعل رسالته . 
القائد : أنت من يتولى كبر هذه المؤامرة . 
عادل : إنه .. أخي .. وأنا عادل الصديق الشخصي للحاكم . 
القائد : لا حرمة لأحد .. ( للجند ) اعتقلوه .. ( يشير إلى منصور ) . 
أحدهم : امنعوهم من ذلك . 
منصور : لن نذل ولا نهان .. إلا لله الديان .. 
الجميع : لن نذل ولن نهان .. إلا لله الديان .. 
القائد : اطلقوا النار .. 
عادل ( متوسلاً ) : توقفوا .. إنه أخي .. إنه أخي .. أرجوكم .. 
( تُطلق النار فيسقط منصور صريعاً بينما يذهل الجميع لوقع المفاجأة ) 
عادل : منصور .. منصور .. 
أحدهم : يا قتلة .. يا قتلة .. 
أحدهم : لقد قتلوه .. قتلوه .. 
القائد : تراجعوا .. تراجعوا .. 
( يسود المكان صمت مطبق ) 
عادل : ماذا تنتظرون أيها الناس ؟!
أحدهم : لقد قتلوا منصوراً .. 
عادل : أنا .. سأقود المظاهرة . 
الجميع : ماذا ؟!
عادل : لن نذل ولن نهان .. إلا لله الديان .. 
الجميع : لن نذل ولن نهان .. إلا لله الديان .. 
عادل : إلى بيت الحاكم .. أيها الناس ..
( تهرب جموع مكافحة الشغب أمام زحف الجموع الغاضبة التي حملت جثة منصور في مشهد جنائزي حزين وغاضب ) 


إظـــــــــــلام
ســـــــتارة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق