- حكاية مثقف عربي كبير عاد بعد أن كان !!
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
( مقهى يتوسط الطريق العام ، يبدو خالياً إلاّ من بعض المارة ، بينما عامل المقهى – العم حامد – يباشر المكان ويعده ويجهزه ، الوقت صباحاً ، يدخل الأستاذ / عادل وعليه آثار السفر وهو يتأبط بعض الصحف والمجلات )
عادل : السلام عليكم ..
حامد : وعليكم السلام .. أهلاً بالأستاذ .. متى وصلت من الخارج ؟
عادل : قبل ساعات فقط .
حامد : وهل شاركت في مؤتمرهم ؟
عادل : وكيف عرفت ذلك ؟ أنت مثقف بارع يا عم حامد .
حامد : لقد تحدث عنك التلفاز ليلة البارحة .
عادل : والصحف أيضاً .. وقد أحضرت الصحيفة معي .. خذ .. ( يناوله الصحيفة ) .
حامد : حسناً .. لقد جئت في وقتك يا أستاذ ..
عادل : خيراً .. إن شاء الله ..
حامد : لقد قرر أهل الشارع أن يسيروا تظاهرة سلمية إلى بيت الحاكم .
عادل : تظاهرة !! ولما كل هذا ؟!
حامد : للمطالبة بالإفراج عن أبنائهم أو محاكمتهم .
عادل : سيحاكمون وستقول الديمقراطية كلمتها .
حامد : متى .. حين تقوم الساعة ؟
عادل : هذا ذنبهم .. لقد اختاروا طريق الشيطان .
حامد : إنهم يطالبون بحقوقهم .. يا داعية الحقوق .
عادل : يقارعون السلطان .. يا عم حامد ..
حامد : وهل تريدهم أن يقبِّلوا يديه وقدميه ؟!
عادل : وماذا في ذلك ؟ أليس ولي نعمتهم ؟!
حامد : مثلك أنت !
عادل : وليكن .. ماذا في ذلك ؟
حامد : انظر لنفسك جيداً .. يا بني .
عادل : بل تعال انظر إليَّ الآن .. مكانة عالية في البلاد ومنصب كبير بينما هم يقبعون في غياهب السجون والمعتقلات .
حامد : إنه ثمن صمتك .
عادل : تعني صمتي أنا ؟!
حامد : بالطبع .. صمتك عن جرائمه ..
عادل : فما بالهم لا يصمتون .. إذن .
حامد : دينهم وكرامتهم يمنعان ذلك .
عادل : ولى زمن المثاليات .. إلى غير رجعة .
حامد : لقد قررنا المظاهرة وانتهى الأمر .
عادل : أنتم توقدون للفتنة .
حامد : بالمناسبة .. شقيقك منصور هو قائد هذه المظاهرة .
عادل : الأحمق !!
( ضوضاء وأصوات متداخلة ، تدخل جماعة غاضبة من الناس يتقدمهم منصور – شقيق عادل - يرفعون الشعارات ويهتفون بأصوات متقطعة ومنتظمة )
منصور : لن نذل ولن نهان .. إلا لله الديان ..
الجميع : لن نذل ولن نهان .. إلا لله الديان ..
منصور : إخرجوهم .. حاكموهم .. حاكموهم .. اخرجوهم !!
الجميع : إخرجوهم .. حاكموهم .. حاكموهم .. اخرجوهم !!
عادل ( صائحاً بهم ) : توقفوا .. توقفوا .. ماذا تفعلون ؟!
منصور : ابتعد يا عادل عن طريقنا .. ولا تكن رسول الطغاة .
عادل : أرجوك من أجلي .. يا أخي .. عد بهؤلاء المساكين .
منصور : أنت تعلم أننا نسير في خطين متوازيين لا يمكن أن يلتقيا .
أحدهم : إنه من زمرتهم يا منصور .. والمتحدث الرسمي باسم الحاكم .
أحدهم : باع أهله من أجل الدنيا .. تفٍ عليه( يبصق ) .
منصور : أرأيت ؟ إنهم كالسيل الجارف لا يمكن أن يتوقف أبداً .
عادل : حسناً .. ألا يمكننا أن نتحاور .. يا منصور ..
منصور : لا .. طبعاً .. أنت تبحث عن مجد شخصي وانتصارات فردية وأنا أبحث عن الحق لهؤلاء المطحونين .
عادل : لن يسمعكم الحاكم أنا أعلم الناس به ..
منصور : إننا نحاول ولن نخسر شيئاً .
عادل : بل ستخسرون أشياء كثيرة .. كثيرة جداً .
( يدخل رجال مكافحة الشغب ، تطوف المكان ، بينما يتقدم القائد ناحية منصور )
القائد : الله .. الله .. مؤامرة ومظاهرة في وضح النهار .
عادل : إنهم .. إنهم أنصار الحاكم يهتفون بحياته .
منصور : إننا نطالب بحقوقنا السياسية والمادية في البلاد .
القائد : حقوقكم !! ماذا ؟!
منصور : ونطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عن أبناء الشارع .
القائد : وهل تطالب بقيادة البلاد كذلك ؟!
منصور : الله أعلم حيث يجعل رسالته .
القائد : أنت من يتولى كبر هذه المؤامرة .
عادل : إنه .. أخي .. وأنا عادل الصديق الشخصي للحاكم .
القائد : لا حرمة لأحد .. ( للجند ) اعتقلوه .. ( يشير إلى منصور ) .
أحدهم : امنعوهم من ذلك .
منصور : لن نذل ولا نهان .. إلا لله الديان ..
الجميع : لن نذل ولن نهان .. إلا لله الديان ..
القائد : اطلقوا النار ..
عادل ( متوسلاً ) : توقفوا .. إنه أخي .. إنه أخي .. أرجوكم ..
( تُطلق النار فيسقط منصور صريعاً بينما يذهل الجميع لوقع المفاجأة )
عادل : منصور .. منصور ..
أحدهم : يا قتلة .. يا قتلة ..
أحدهم : لقد قتلوه .. قتلوه ..
القائد : تراجعوا .. تراجعوا ..
( يسود المكان صمت مطبق )
عادل : ماذا تنتظرون أيها الناس ؟!
أحدهم : لقد قتلوا منصوراً ..
عادل : أنا .. سأقود المظاهرة .
الجميع : ماذا ؟!
عادل : لن نذل ولن نهان .. إلا لله الديان ..
الجميع : لن نذل ولن نهان .. إلا لله الديان ..
عادل : إلى بيت الحاكم .. أيها الناس ..
( تهرب جموع مكافحة الشغب أمام زحف الجموع الغاضبة التي حملت جثة منصور في مشهد جنائزي حزين وغاضب )
إظـــــــــــلام
ســـــــتارة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق