الثلاثاء، 29 مايو 2012

احتلال الكوكب الأحمر







محمد علي البدوي
 4/6/1425 
21/07/2004 


المنظر : يضاء الجانب الأيسر من المسرح ، يظهر الرّئيس قلقاً متأمّلاً أمام شرفته، يعدل من ياقته ، يدخل إليه مساعده . 
المشهد : ( يدخل إليه مساعده ) . 
المساعد : السيّد الرّئيس ! 
الرّئيس : هل أعدَدْت الخطاب ؟ 
المساعد : ( يناوله ) تفضّل يا سيّدي . 
الرّئيس : ( يتناوله ) هل راجعه المدقق اللغوي ؟ 
المساعد : نعم يا سيّدي . 
الرّئيس : لا نريد الكلمات حجر عثرة في طريقنا . 
المساعد : لن يكون ذلك أبداً يا سيّدي . 
الرّئيس : وأين المُخرِج والإضاءة والدّيكور ؟ 
المساعد : كلّ شيء معدّ ومرتّب له سلفاً يا سيّدي . 
الرّئيس : وبقية الوزراء والمستشارين ؟! 
المساعد : سيقفون خلفك كالمعتاد . 
الرّئيس : والصّور والوثائق ؟! إنها هامّة 
المساعد : ستعرض في حينها، وسيتولّى وزير خارجيّتكم الإشارة إليها . 
الرّئيس : المعذرة يا مساعد، ولكن اللّحظة حاسمة . 
المساعد: اطمئن .. كلّ شيء جاهز .
الرّئيس : إنّ هذا الخطاب تاريخيّ، والعالم كله ينتظره، وسيشاهده الملايين من الناس، لقد أضحت بلادنا سيّدة الأرض، ويجب أن تصبح سيّدة الكواكب الأخرى أيضاً . 
المساعد : هذه سياستنا القادمة . 
الرئيس : ثم .. ثم إنّ الانتخابات على الأبواب وهذه ورقتنا الرابحة . 
المساعد : إنّنا نصلّي من أجل الفوز بها .
( يدخل نائب الرّئيس على عجل ) 

نائب الرّئيس : سيدي الرّئيس .. الجميع في انتظارك .. سنبدأ في التّصوير الآن . 
الرّئيس : ( للمساعد في رجاء ) مساعدي . 
المساعد : فليباركك الربّ يا سيّدي . ( يخرج الجميع ) 

تُطفأ الإنارة ثم تُضاء على الجانب الآخر ؛ يظهر مكتب الرئيس وخلفه خارطة العالم ، وعلم الدولة وعلى الجانب منه يقف المستشارون والعسكريّون وسبّورة عرض صغيرة، عليها صور أقمار وصخور وأحجار فضائية، وفي قبالة المكتب يقف المخرج ومساعدوه ، يدخل الرّئيس ويأخذ مكانه على المكتب . 
الرئيس ( للمخرج ) : كيف تسير الأمور ؟ 
المخرج : على خير ما يرام . 
الرئيس : حسناً .. هذا جيد . 
المخرج : سنبدأ الآن .. 3 ، 2 ، 1 ، 0 .. ابدأ . 

( تضاء الأنوار الكاشفة وتسلّط على الّرئيس الذي يشرع في إلقاء خطابه ) 

الرّئيس : أيها السّيدات والسّادة .. أيها العالم المتحضّر النبيل، لقد أصبح قدرنا أن نشارك بعضنا البعض في همومنا وقضايانا، إنّ جيلنا اليوم ومستقبل حياتنا وحياة أبنائنا في خطر، وعلى مشارف كارثة قادمة ؛فلم تعد بلادنا هي القبلة الوحيدة التي يقصدها الإرهاب الذي قضينا عليه وما زلنا بفضل مساعدتكم ووقوفكم معنا في خندق المواجهة، ولكنّ نُذُر إرهاب قادم أخذت تلوح في الفضاء الخارجيّ من الكوكب الأحمر تحديداً؛ فقد رصدت فرقنا الخاصّة بالبّحث والتحرّي عن أسلحة الدّمار الشّامل في الكون عن اكتشاف تلك الأسلحة، ومَنْ يدري ربما استطاع إرهابيو الأرض أن يصلوها، ولعلّ هذا هو التفسير الوحيد لظاهرة اختفاء أسلحة الدّمار الشّامل من إحدى الدول التي هاجمناها مؤخراً، ولم نعثر فيها على قطعة سلاح واحدة، واسمحوا لي أيها السادة أن أقدّم لكم الآن بعض الصّور والوثائق الخاصّة التي حصلنا عليها 

( وزير الخارجية يشير إلى السّبورة ) 

الرّئيس : ( معلّقاً على الصّور ) إنها صور خاصّة التقطها المسبار" استعمارت " لبعض الصّخور الإرهابيّة، والتي تؤكّد بما لا يدع مجالاً للشك أنها أسلحة دمار شامل، وإنني أعلن باسمكم جميعا،ً وباسم العدالة المطلقة الحرب على هذا الكوكب الإرهابيّ الأحمر ( يرفع صوته عالياً ) وأناشدكم يا دول العالم ، ويا جميع الدّول الصّديقة أن تحالفونا وتساندونا في حربنا العادلة ضد الإرهاب للدّفاع عن كوكبنا؛ فنحن لا نمارس هواية رياضيّة، ولا نقوم بعربدة أمنيّة، ولكننا سنخوض حرباً حقيقيّة، ونحتاج إلى ميزانيّة وإلى نفقات باهظة، ولتعلموا يا دول العالم "أن الذي ليس معنا فهو ضدّنا" .. وشكراً لكم . 

( تصفـيقٌ حـادّ ، تطـفأ الإنـارة ) 

( 2 ) 
( مكتب الرئيس والجميع حول طاولة الاجتماعات )

وزير الخارجيّة: لقد كان خطاباً تاريخياً بحق يا سيّدي .
وزير آخر : ونقلته جميع القنوات والمحطّات الفضائيّة والأرضيّة في العالم . 
الرّئيس : لابد أن تنقله؛ لقد كان الرّئيس يتحدّث إلى الأمّة . 
وزير الخارجيّة: ولكن أخشى أننا أثرْنا بعض أصدقائنا . 
الرّئيس ( مغضباً ) : لا تخش هؤلاء؛ إنهم قفّازات يد .. نلبس هذا ونخلع ذاك . 
وزير آخر : بالمناسبة لقد أرسلت شركات السّلاح دعماً إضافيًا، وتعهّدت بدعمنا في الانتخابات القادمة . 
الرّئيس : لابدّ أن تفعل ... هذه الحرب لا تكسبها سوى هذه الشركات الكريهة . 
وزير الخارجيّة: إنها تجارة الموت، وهم تجّار الموت . 
الرّئيس : ونحن سماسرة الموت .. ها .. ها 

( يضـحـك الجمـيـع )

وزير آخر : سيّدي .. بعض الدّول الصّديقة أرسلت دعماً مالياً وبعضها على قائمة الانتظار .
الرّئيس : جميل .. جميل .. اجعلوا لي خطًّا مباشرًا مع هؤلاء الرّؤساء حتى أشكرهم .. هل تأخّر أحد ٌ عن الدّعم والمساعدة ؟ 
وزير الخارجيّة: أبداً .. أبداً .. كلها ساندت ووافقت حتى صحفها وإعلامها كتبت تبارك تلك الحرب .

( يدخل المساعد على عجل ويظهر قلقاً ) 

المساعد : سيّدي .. أ .. أ .. المعذرة . 
الرّئيس : ماذا هناك يا مساعدي ؟ 
المساعد : لديّ أخبار ليست سارة ... يا سيّدي . 
الرّئيس : ماذا هناك ؟ ما الذي حدث ؟! 
المساعد : رئيس فريق التّحقيق عن أسلحة الدّمار الشّامل يعتذر .
الرّئيس : يا للكارثة .. يعتذر !! 
المساعد : التقرير الذي وصلك بشأن الكوكب الأحمر كان مغلوطاً . 
الرّئيس : والصّور والوثائق التي عرضناها للعالم ؟
المساعد : كانت مستعملة جداً .
الرئيس : ماذا تقول بحق السّماء ؟ 
المساعد : إنها الحقيقة .. إنهم لم يحصلوا على شيء، ولا أمل في ذلك . 
وزير الخارجيّة: ضاعت الحرب إذن .
وزير آخر: وشركات السّلاح ستتوقف عن دعمنا . 
وزير الخارجيّة: وسيغضب أصدقاؤنا . 
الرئيس : ( في غضب ظاهر ) قلت لك: أنا لا أهتمّ لهؤلاء الأصدقاء .. إنّهم قُفازات .. مجرد قُفازات .. أتفهم ؟



وزير الخارجيّة: نعم .. نعم .. يا سيّدي . 
الرّئيس : أنا لا يعنيني سوى رأي الشّعب .. سوى صناديق الاقتراع .. أتفهم ؟
وزير الخارجيّة: نعم .. نعم .
الرّئيس : يجب أن تستمرّ هذه الحرب .. يجب أن يعيش الشّعب أجواء هذه الحرب .. يجب أن يعيش العالم الحرب .. حتى نضمن شركات السّلاح .. حتى نكسب أصوات الناس .. فلتحيَ الحرب .. فلتحيَ الحرب ..

( يتردّد صدى الحرب في المسرح مع لقطات لمعارك وحروب عالميّة – يُظلم المسرح تدريجياً ) 
- تُطفأ الإنارة -
سِتــــــــــــارة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق