الثلاثاء، 29 مايو 2012

البحث عن المعتصم - مسرحية فصل واحد



محمد علي البدوي
10/8/1424
06/10/2003 


المنظر : مغارة كبيرة شبه مظلمة . 
المشهد : قافلة بشرية صغيرة مكونة من مجموعة من النساء والأطفال والشيوخ وسط أصوات متقطعة من دوي المدافع وطلقات الرصاص وأزيز الطائرات .. تتوقف أمام فوهة المغارة شبه المظلمة . يتفاجأون برجل في وسطها وحوله جماعة صغيرة من الرجال والنساء والأطفال ..
ينتابهم فزع شديد ..
الرجل يشير لهم بيده اليمنى : لا عليكم .. ستبيتون معنا الليلة هنا . 
يقولون بصوت واحد : من أنت ؟ ومن هؤلاء الذين معك ؟
الرجل : أنا القائد .. وهذا ما تبقى من جماعتي ..

(يخرج له عجوز من بينهم )

العجوز بكل تعجب : قائد !.. قائد لمَنْ ؟!


( فجأة تضاء الإنارة )

ظهر في خلفية المسرح مناظر مروعة لمآسي المسلمين ، وقد كتبت عليها بلون الدماء " .. وا .. إسلاماه " . 
القائد ( وقد أخذته الدهشة ) : مسلمون ؟


( صمت يلف المكان )

القائد ( صارخاً فيهم ) : أجيبوا .. هل أنتم مسلمون ؟ .. هل أنتم مسلمون ؟


( يخرج إليه شيخ عجوز .. ويقف قبالة الجمهور )

الشيخ : ومن القوم إلا هم . 
القائد : ومن أين جئتم ؟. 
الشيخ ( وهو يشير إلى مجموعته ) : من كل بقاع الأرض .. 
القائد ( وقد أطرق إلى الأرض ) : إذن .. هي الحروب والمجاعة . 
الشيخ ( في حِدّه ) : ليست الحروب وحدها التي صنعت مأساتنا . 
القائد : ماذا تعني ؟ 
الشيخ : إخواننا .. خذلونا .. أسلمونا للأعداء .. لا ذو بالصمت وهم يشاهدون مأساتنا .. لم يتحركوا من أجلنا . 
القائد : و .. ولكنهم يساعدونكم .. يقدمون لكم الطعام .. والكساء .. 
الشيخ ( مقاطعاً ) : يسمّنوننا .. حتى نذبح كالأضاحي . 
القائد : لـ .. لـ .. لقد سمعت أنهم الآن يجتمعون لنصرة قضاياكم . 
الشيخ ( في حدّه ) : بالكلام .. يجتمعون حول موائد الكلام .. اسمع .. اسمع .. بربك ماذا يصدرون في مؤتمراتهم ومؤامراتهم .


( صمـــــــــــــــــت ) 

صوت خارجي : إننا ندين ونشجب ونستنكر وبشدة العدوان الصارخ ضد إخواننا المسلمين .. ونطالب الأمن الدولي بسرعة التدخل من أجل إنقاذهم .


( تصفيق حاد يملأ المسرح ).

الشيخ : أسمعت .. لقد تمخض الجبل فولد فأرة .. إنهم يطلبون النُصرة من أعدائنا.. يطلبون لنا الرحمة من جلاّ دينا . 
القائد : و .. و .. وماذا تريدون منهم ؟ 
الشيخ : أليسوا .. إخواننا في الدين والعقيدة .. أما تداعى النصارى لنصرة إخوانهم في تيمور الشرقية .. وفي جورجيا ... حتى أقاموا لهم دوله . 
القائد : نعم .. ولكن .. 
الشيخ : ولكنه الوهن .. الذي ضرب قلوبهم : حب الدنيا وكراهية الموت . لنا الله .. لنا الله ..


(تبدأ المجموعة بالتحرك خلف الشيخ الذي يهم بالمغادرة وهم يرددون:لنا الله. لنا الله..)

القائد ( مستوقفاً الشيخ ) : إلى أين أيها الشيخ ؟ 
الشيخ : لقد سمعنا أن قائداً عربياً مسلماً اسمه المعتصم أنقذ امرأة مسلمة سنذهب إليه .. ربما أنقذنا .. 
القائد : آه .. لقد مات منذ زمن .. 
الشيخ : لا بأس .. سنجد معتصماً آخر .. في رعاية الله يا بني . 


( يغادر الشيخ مع مجموعته وهم يرددون : لنا الله .. لنا الله .. بينما يقف القائد مذهولاً )

القائد ( في نفسه ) : لنا الله .. لنا الله ..


( يدخل أحد رجال القافلة مسرعاً )

الرجل ( في ذعر ) : سيدي .. سيدي .. الأعداء قادمون .. إنهم يضربون الكهف بطّياراتهم .. يلقون بالقنابل المحرمة .. يحرقون الأرض الخضراء .. يزرعون الموت في كل مكان .. إنهم قادمون .. قادمون .
القائد : بسرعة هيا .. اهربوا .. بسرعة .. 
الرجل : إلى أين يا سيدي ؟ 
القائد : سنبحث عن معتصم .. آخر .. هيا بسرعة .. بسرعة ..


( يرتفع صوت الطائرات .. ودوي المدافع والقنابل .. تطفأ الإنارة .. تختلط الآهات بالصرخات ).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق