الثلاثاء، 29 مايو 2012

الضياع الحزين - مسرحية ذات فصل واحد

- صرخة في وجه الأحداث .. 
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
( في منزل أبي صالح وسط العاصمة وقد ألقت أحداث التفجيرات الأخيرة بظلالها على المدينة )
صالح : أبي .. أبي .. أين أنت يا أبي ؟ 
الأب : خيراً إن شاء الله .. 
صالح : بارك يا أبي .. لقد تخرجت من الكلية . 
الأب : الحمد لله .. 
صالح : ومنذ اليوم أنا الملازم صالح الصالح ضابط التحقيق الجنائي . 
الأب : مبارك يا ولدي . 
صالح : لقد تحقق حلمي .. وأصبحت جندياً في هذا الوطن الكبير . 
الأب : لقد كان الأمن هاجسك الأول والأخير . 
صالح : وكانت دعواتك الصادقة ترافقني في كل سنوات دراستي . 
الأب : وها قد تحقق الحلم . 
صالح : نعم .. تحقق الحلم و .. ولكن أين أخي ؟ 
الأب : . . . . . . . . . . 
صالح : أين خالد يا أبي ؟ 
الأب : إيه .. خالد هذا قصة أخرى .
صالح : لماذا.. لم يكن في استقبالي في الكلية ؟. 
الأب : لا تشغل نفسك به كثيراً . 
صالح : ثم .. ثم إن اتصالاته قد انقطعت بي منذ شهر تقريباً . 
الأب : وغادر المنزل منذ شهرين كذلك .
صالح : ماذا .. ماذا تقول ؟ 
الأب : إنها الحقيقة .. منذ عودته الأخيرة من أفغانستان وهو يؤثر الصمت والعزلة . 
صالح : وماذا بعد ؟ 
الأب : كان يعلن نقمته على كل شيء .. كل شيء 
صالح : ثم ماذا ؟ 
الأب : ثم .. اختفى فجأة ..
صالح : وهل بلغت عنه ؟!
الأب : أبلغ عنه ! وهل هو مجرم حتى أفعل ذلك ؟ 
صالح : يجب أن تفعل .. فالبلد يغلي .. 
الأب : يغلي حتى يحترق .. وما دخل شقيقك في ذلك ؟ 
صالح : أنت من يقول هذا يا أبي ؟ أمن الوطن أولاً . 
الأب : ولكنه ولدي .. وفلذة كبدي . 
صالح : أخشى أن يكون أخي .. أحد أعضاء هذه الفئة الضالة . 
الأب : تباً لك يا ولد .. 
صالح : لا تنسَ أن بعض المطلوبين هم أصدقاء أخي . 
الأب : اصمت .. واحذر أن يسمعك أحد . 
صالح : وما فائدة الصمت الآن ؟ 
الأب : سيعود .. قلبي يحدثني بذلك . 
صالح : كان عليك أن تخبرني بالأمر . 
الأب : خشيت أن أشغلك عن اختباراتك يا ولدي .
صالح : كان عليك أن تراقب سلوكه وتسأل عن أصدقائه .
الأب : كنت سأفعل ذلك ولكن .. 
صالح : إن لم تبلغ فسأبلغ أنا !!
الأب : عن أخيك . 
صالح : إنه وطني .. وهذا واجبي .. أم نسيت أنني رجل أمن !!
( يرن جوال صالح فيجيب على الفور )
صالح : نعم .. أهلاً علي .. ماذا هناك ؟.. إعلان هام وفي التلفاز .. يخصني !! خيراً إن شاء الله ..
حسناً .. حسناً .. مع السلامة . 
الأب : ماذا هناك يا بني . 
الأب : سنعرف الآن . 
( يدبر جهاز التلفاز ) 
المذيع : " تعلن وزارة الداخلية لعموم المواطنين والمقيمين الكرام أنه وبفضل من الله قد تم التعرف على أحد أعضاء هذه الفئة الضالة وهو المدعور / خالد الصالح وتهيب كل من يعرفه أن يبلغ عنه كما تدعو المطلوب بسرعة تسليم نفسه .. والله ولي التوفيق " . 
صالح : أخي خالد !!
الأب : ( صارخاً ) لا .. ليس .. لا .. 
صالح : أبي .. 
الأب : اقتله يا صالح .. اقتل هذا الخائن الشرير .. اقتل هذا الضال .. 
صالح : ليته يسلم نفسه الآن .. إن الفرصة ما تزال أمامه . 
الأب : لا أريده .. لا أريده .. لا .. ( يسقط ) 
صالح : أبي .. أبي .. 

( إظلام تام في المسرح ، تسلط إضاءة خفيفة على صالح ووالده المسجى أمامه ثم تنتقل الإضاءة تدريجياًالى خالد الذي يدخل وقد تمنطق بالمتفجرات حول خاصرته ) 
خالد : أبي .. أبي .. صالح .. 
صالح : من .. من أنت ؟!
خالد : أنا أخوك خالد . 
صالح : لا.. بل أنت الموت .. الذي يقتل الأبرياء ويدمر الممتلكات . 
خالد : أنا شقيقك .. خالد الصالح . 
صالح : أنت ؟!و ما الذي فعلت أيها المعتوه ؟
خالد : وما الذي فعلت ؟
صالح : تقتل الأبرياء ، تعق والديك ، تسيء إلى وطنك .. يا ه ما أشد ما تمارس من قسوة يا خالد .
خالد : لا ريب .. فنحن نعيش في زمن القسوة . 
صالح : فما ذنب كل هؤلاء الأبرياء يموتون ؟!
خالد : لقد جاءوا في الزمان الخطأ وكانوا في المكان الخطأ . 
صالح : وما الذي دفعك إلى كل ذلك ؟ 
خالد : لقد طفح بنا الكيل وبلغ السيل الزبى ؛ الأقصى في يد الأعداء والمسلمون يقتلون في كل مكان !!
صالح : ومن قال لك أن الطريق إلى الأقصى يمر عبر بلادنا ودماءنا وأطفالنا !
خالد : إننا نصلح ما فسد أولاً . 
صالح : بالقنابل الموقوتة والسيارات المفخخة والحقائب الملغمة .. 
خالد : العدو يدفعنا إلى ذلك . 
صالح : وهل هذا الوطن عدوك ؟!
خالد : . . . . . . . 
صالح : هل يستحق الوطن الذي أعطاك من خيراته .. أن تفعل به كل هذا ؟
خالد : . . . . . . . 
صالح : من كان يصدِّق أن خالد ذلكم الحمل الوديع يتحول إلى جبل من الحقد والكراهية . 
خالد : . . . . . . . 
صالح : عد يا خالد .. تب إلى الله وسلِّم نفسك . 
خالد : مستحيل .. لقد أقسمت على ذلك . 
صالح : سيخفف عنك الحكم .. وسنشفع لك . 
خالد : لا .. لن أفعل .. لن أفعل .. 
صالح : سينتهي أمرك إلى القيد أو القتل . 
خالد : لن أفعل . 
صالح : ستفعل .. أو سأقتلك بيدي .. ( يشهر سلاحه في وجه أخيه ) . 
خالد : لا .. لن أفعل .. لن أفعل .. (يهرب وسط الظلام) 
صالح : عُد يا خالد .. عد يا خالد !! (يخرج خلفه)
( تضاء الإنارة في المكان فيسقط الأب مفزعاً )
الأب ( صارخاً ) : خالد .. خالد .. 
صالح : أبي .. حمداً لله على سلامتك . 
الأب : خالد .. خالد .. 
صالح : ماذا بك يا أبي . 
الأب : أنقذ خالد .. أنقذ خالد .. 
صالح : ليتني أستطيع يا أبي . 
الأب : لقد رأيته يغرق في بحر من الظلمات . 
صالح : إنها ظلمات الحقد والكراهية والرغبة في الانتقام . 
( يدخل علي مسرعاً ) 
علي : صالح .. عمِّي .. ماذا حدث هل أصابكما مكروه ؟ 
الأب : أنقذ خالد يا علي .. أرجوك أنقذ خالد .. 
علي : لقد انتهى كل شيء يا عماه . 
الأب : ماذا حدث يا بني . 
علي : لقد قتل خالد في مواجهات أمنية .. 
الأب : لا .. لا .. ( يسقط ) 
صالح : أبي .. أبي .. 
علي : عماه .. عماه .. 
( إظـــــــــلام تـــــــــــام – ســــــــتـــــــــارة )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق