الثلاثاء، 29 مايو 2012

حكاية أبي منقاش - مسرحية ذات فصل واحد



بقلم: محمد علي البدوي

صوت: ياسلام .. يا سلام رجالنا الأشاوس يواصلون زحفهم تجاه مرمى الخصم.. يا سلام الكرة الآن مع أبطالنا.. هيا تقدموا.. اثبتوا أيها الرجال.. الله أكبر.. الله أكبر.. هدف.. هدف يا سلا.. لا.. لا..م.. لقد فعلناها.. لقد فعلها رجالنا.. لقد حققنا الكأس.. أحرزنا نصراً عظيماً للأمة.. (يبكي من شدة الفرح).. فزنا.. انتصرنا.. "أصوات هدير المدرجات.. وصخب الجمهور...
تفتح الستارة
المنظر: في خلفية المسرح تظهر خارطة بغداد وقد اختلطت بالدماء، صور مروعة لجثث متناثرة ومنازل ومساجد مهدمة.. دوي المدافع وأزير الطائرات وأصوات الرصاص تعلو في المسرح صوت طائرة تقترب..
المشهد: أبو منقاش وقد اختبأ على يمين المسرح يرصد الطائرة..
أبو منقاش: آه.. اقتربي.. اقتربي.. أيتها اللئيمة.. هيا.. هيا.. هه... الآن.
(يطلق رصاصة.. لكن سرعان ما يسقط عليه طائر كبير)
أبو منقاش (متأملاً الطائر): يا ويلي.. حدأة.. أريد طائرة.. فأصطاد حدأة.. حدأة يا أبا منقاش ؟!
(صوت الطائرة يقترب مرة أخرى)
أبو منقاش: هه.. الطائرة مرة أخرى.. حسناً فلنحاول.. هيا تعالي.. تعالي إلى جحيمي.. وناري.. هيا.. الآن.
(يطلق الرصاص فيصيب الطائرة.. تشاهد الطائرة وهي تسقط على الأرض)
أبو منقاش: هه.. لقد فعلتها.. فعلتها (يسجد لله شكراً)... الحمدلله.. لقد أسقطت الطائرة.. يا قوم لقد أحرزت نصراً عظيماً للأمة.. سجلت هدفاً حاسماً في مرمى الخصم.
(يتوافد الناس مهنئين ومباركين هذا النصر)
الجميع: هيه..هيه.. يا أبا منقاش أحسنت الصنيع.. يا أبا منقاش أفرحت الجميع.
صوت: 
يا أبا منقاش أحسنت فزد
فعلكم يا ابن العلا فعل الأسد
الأباتشي أنت من أسقطها 
برصاص مثل حبات البرد
(يُحمل أبو منقاش على الأكتاف ويطاف به على المسرح بينما يتقدم المذيع)
المذيع: أيها الأخوة المشاهدون.. أيها الصامدون.. الصابرون.. من هنا من موقع الحدث.. تتوالى انتصارات الأمة.. بتوقيع أبنائها الأبرار.. وهنا في هذا الريف الجميل ثمة حدث هام.. وانتصار خارق.. فلقد أسقط الفلاح طائرة العدو..
الجميع: هيه..هيه
المذيع: يسرنا ويسعدنا أن نلتقي بالبطل أبي منقاش ليحدثنا عن ملابسات هذه القصة البطولية.
أبو منقاش: إحم.. إحم..
الجميع: هيه.. هيه.. هيه..
أبو منقاش: الحمد لل..
الجميع: هيه..هيه..
أبو منقاش (يرفع سلاحه مهدداً): الفضل لله وحده... ثم أنا.. أنا.. هوايتي جمع الطائرات واصطيادها من الجو.. ولقد كان اصطياد هذه الطائرة سهلاً جداً.. جداً
(يتقدم أحدهم بمجموعة من الهدايا)
الرجل: تفضل يا أبا منقاش..
هذه مجموعة من هدايا السيد الرئيس بمناسبة هذا الإنجاز.
الجميع: هيه.. هيه.. يا أبا منقاش أحسنت الصنيع.. يا أبا منقاش أفرحت الجميع..
المذيع: أيها الأخوة الصابرون المرابطون.. اصمدوا وصابروا ورابطوا.. سوف نهزم العلوج.. سنحبسهم في دباباهم ونقضي عليهم بعد ذلك.. ستكون بلادنا مقبرة للغزاة.
الجميع: هيه..هيه.. هيه..
(دوي هائل في المسرح.. وقصف شديد.. وطلقات رصاص وأصوات مذعورة) 
أحدهم (مذعوراً): لقد دخل العلوج العاصمة.
أحدهم: سقطت العاصمة.. سقطت العاصمة في أيدي الغزاة.
أحد الجنود (مثخناً بجراحه): لقد هرب رجالنا من المعركة هرب الرجال..اهربوا اهربوا..
أحدهم: الغوث.. الغوث.. النجاة.. العلوج قادمون.. قادمون..
(الجميع يرقصون فرحاً بالغزاة)
الجميع: هيه..هيه.. مرحباً بالعلوج.. مرحباً.. مرحباً.. مرحباً.. مرحباً..
(تبدأ الفوضى تعم المسرح.. ويشاهد البعض وهم يسرقون وينقلون مسروقاتهم.. حتى هدايا أبي منقاش تسرق بينما يقف مذهولاً)
أبو منقاش (محدثاً نفسه): سقطت العاصمة.. هرب الرجال من ساحة المعركة.. الرجال.. العاصمة.. الصحاف.. العلوج.. الغزاة..لا...لا.. لا (يصرخ محتدّاً)
(يدخل الغزاة وهم مسلحون يطوقون المكان بينما يتقدم القائد ومعه العملاء)
العميد: هذا أبو منقاش يا سيدي.. الذي أسقط الأباتشي.
القائد: أنت منقاش..
أبو منقاش: أ.. أ.. أنا منقاش!!
القائد: أ.. أ.. أأنت من أسقط الأباتشي؟!
أبو منقاش: ها..ها.. أنا.. الأباتشي هذا دجل وافتراء ياسيدي.
القائد: أ.. أ.. أأنت من أسقط الأباتشي؟!
القائد: أووه مجرمون ليس عندكم احترام لحقوق الحيوان.
أبو منقاش: أنا لم أسقط إلا هذه.. (يبكي) لقد سقط كل شيء فلماذا لا أسقط أنا أيضاً؟
القائد: ماذا تقول؟
أبو منقاش: لا.. لا.. لا شيء يا سيدي.
القائد: يجب أن تعترف بذلك أمام العالم.
أبو منقاش: العالم.. كل العالم يا عالم.. ياناس.. أبو منقاش لم يسقط الأباتشي.. لم يسقط الأباتشي.. أنا لم أسقط إلا هذه إلا هذه...
(يدور كالمجنون وسط سخرية الجميع وقهقهاتهم)

ستارة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق