استوقفني الأستاذ عند باب الحجرة وربت على كتفي في حنان ثم قال :
- هل تعرف يا أحمد سر النور المنبعث من وجه صديقكم نور ؟ فبادرته قائلاً :
- ربما يا أستاذي لأن اسمه نور !
تبسم الأستاذ في صمت ثم قفل راجعاً إلى مكتبه وخلفني نهباً للأسئلة التي تحاصرني وتهزني هزاً عنيفاً :
- ما هو سر هذا النور المنبعث من وجه صديقي ؟
- هل هو السحر يا ترى ؟
- صديقي بشرته سمراء لكن نوراً خفياً يتسلل من وجهه دائماً .
في المساء وعندما يخيم الظلام على الشارع ويسكن الجميع للراحة ، كنت أراقبه وهو يؤوب إلى بيته ، أطلق فيه حماليق عيناي أتفحصه أبحث عن ذلك السر الخفي ، لم يكن ثمة نور سوى ما تجود به الأعمدة التي رصت على جانبي الطريق .
عمدت ذات مساء أن أغلق مصباح الحجرة الذي يقف بيننا ومع ذلك لم يضيء وجه صديقي ، ولكن أشعر أن لوجهه نوراً عجيباً .
في اليوم التالي قررت أن أكتشف سر هذا النور ، تتبعت أثر صديقي ، كنت أراقبه وهو يدلف إلى المسجد قبل الأذان ويقرأ ورده من القرآن ويصلي مع الجماعة في الصف الأول مكثت معه في المسجد بعد الصلاة وهو يتلو أذكار المساء ، سألت عنه أصدقائه وزملائه ؛ اتفقوا جميعاً على أنه لم يكذب أو يخون ولا يخلف وعداً قطعه على نفسه ، كانت الإبتسامه لا تفارق محياه ، ومع ذلك لم أشاهده يفعل في وجهه شيئاً انكره سوى الوضوء الذي يحرص عليه دائماً .
في المدرسة توجهت إلى أستاذي مسرعاً وأخبرته بكل شيء تبسم وضمني في سعادة ثم قال فرحاً :
- أحسنت يا أحمد .. لقد اكتشفت أخيراً سر النور الذي يأتي من وجه صديقكم .
فقلت له متعجباً !!!
- وكيف ذلك يا أستاذ ؟
- إنه نور الطاعة يا ولدي .. طاعة الله .. إن للطاعة نوراً في الوجه وانشراحاً في الصدر وطمأنينة في الوجه .. ذلكم هو السر يا ولدي .
ودعت أستاذي في حرارة وأنا عاقد عزمي على أن أصنع لنفسي مثل هذا النور ...
بقلم / محمد علي البدوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق