الثلاثاء، 21 فبراير 2012

حكاية ورقة التوت - قصة قصيرة


هبت على المزرعة ريح شديدة وقوية ، كانت تزأر وتعصف بشدة ، وأخذت الأشجار الكبيرة تتطوح يمنة ويسرة ، الأشجار الصغيرة كانت تتراقص بفعل قوة الريح ، أوراق التوت أخذت تصرخ وتستغيث طالبة العون من الله صاحت أحداهن وكانت عقيلة وحكيمة :
- تماسكن .. تماسكن يا أوراق التوت .. العون يا رب .
زأرت الريح مرة أخرى فعصفت بأوراق التوت واللاتي تفرقن في الهواء وأخذن يسبحن وكأنها وسط أمواج بحر متلاطمة .
.. وأخيراً هدأت العاصفة وتفرقت الريح على رؤوس الجبال كانت ورقة التوت مع أربعة من أخواتها أخذن يتحسسن أنفسهن ويستعدن نشاطهن للعودة إلى المزرعة لكن جلبة مزعجة أخذت تعم المكان وهزة خفيفة انتشرت حولهن صرخت إحداهن في هلع :
- يا إلهي .. لقد سقطن وسط مصانع دود القز .
صاحت الورقة الحكيمة على أخواتها : اسرعن بالهرب وتدحرجن على الأرض لكن العشرات من الدود كانت قد أمسكت بالورقة الصغيرة وبدأت في التهامها ، استقرت أوراق التوت برأسها لتستطلع الأمر ، لقد كان ظبي المسك يجوس خلال الحشائش ليبحث عن الطعام ، وفجأة أبصر أوراق التوت أمامه وهي تختبئ في ذعر فأمسك بإحداهن وأخذ يأكلها في نهم بينما هبت نسمة هواء خفيفة حملت الأوراق الأخرى إلى حافة النهر .
طنين مزعج أخذ يحلق في الأفق كانت العشرات من عاملات مملكة النحل في طريقها للبحث عن الرحيق ، ألقت التوتة الحكيمة نفسها في النهر بينما استسلمت الأخرى للنحل الذي هبط عليها من السماء وأخذ يمتص رحيقها ليصنع العسل للناس ..
استوت ورقة التوت الحكيمة على سطح النهر في طريق العودة إلى المزرعة وأخذت تحدث نفسها بصوت مسموع ( سبحان الخالق العظيم .. نحن ورقات التوت يأكلنا دود القز فيصنع الحرير ويأكلنا ظبي المسك فيخرج المسك .. ويمتصنا النحل فيصنع العسل .. فسبحان الخالق العظيم ) .
كان الليل قد غلف الغابة السعيدة وخلدت الحيوانات إلى سبات لذيذ عندما عادت ورقة التوت الحكيمة إلى المزرعة الكبيرة .


بقلم / محمد علي البدوي        

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق