الثلاثاء، 21 فبراير 2012

أحبك يا رحاب !!! - قصة قصيرة


          تقدم إلى الباب بخطوات هادئة وهو يعرك سواكاً اشتراه للتو ، أمام الباب وقف ذاهلاً عمن حوله ، أطلق حماليق عينيه في المكان ، شدّه جلال المنظر وروعة الجنبات الآمنة ، أمواج متلاطمة ، أجساد متلاصقة ، أصوات متداخله ، دموع ، خضوع ، تبتل ، انكسار ، آياد متوضئة ترتفع عالياً تطلب في إلحاح جحافل النور أخذت تتدفق إلى داخله في صمت ، سرت في جسده رعشة لم يستطع السيطرة عليها فسقط السواك من يده ، حاول أن يجمع شتات نفسه خرّ ساجداً يلثم العتبات الطاهرة وقد امتلئت محاجره بالدموع وغاب في عالم ملائكي رائع ...
مكة .. وقد اغتسلت بلهيب شمسها الحارقة وأمام الكعبة المشرفة اجتمع نفر من قريش تعلو وجوههم الكآبة وترتسم على قسماتهم أمارات الذهول والحيرة فقد سرت اليوم أنباء جديدة تفيد أن محمداً كسب أنصاراً لهذا الدين وأنه يجتمع بهم خفيةً في دار الأرقم بن أبي الأرقم ، .. وقف أبو جهل وقد تطاير الشرر من عينية وصاح محتداً :
- واللات والعزى ... لنوقفن زحف هذا الدين ... ولنعذبن محمداً وأصحابه .
 عاد يجول ببصره في الأرجاء العامرة ويحتسي هواء الحرم المشبع بالروائح الإيمانية العطرة رفع رأسه إلى السماء ، حدّق بعينيه طويلاً ، شاهد المآذن وهي تنتصب في شموخ وصوت المؤذن ينساب مجلجلاً يخاطب الوجود : الله اكبر ... الله اكبر .. على رأس الكعبه السوداء في ذلك الزمن الجميل كان بلال بن رباح يؤذن للنصر العظيم ومكة تبتهج بقدوم مواكب الفتح ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخب في جلبابه المشرق وقد امتلأ نوراً وجمالاً يحطم الأصنام ويتمتم : (( قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا )) .
          في المسعى كان المشهد مهيباً أيضاً أمواج من البشر تتماوج في انتظام ، تولاّه إحساس عارم بالفرح ، اجتاحته رغبة ملحه أن يحتضن كل هؤلاء ، تفقد إحرامه ، واستقبل الكعبة ... ثم غاب في الزحام الشديد .

                                                                      بقلم :
                                                                    محمد علي البدوي
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق